أحدث طرق تشخيص وعلاج سرطان الرئة

    قد يبدو ضيق التنفس أو السعال المستمرّ عرضًا بسيطًا في بدايته، لكنه في بعض الأحيان يُخفي وراءه مرضًا لا يُستهان به، مثل سرطان الرئة، والذي يُعدّ من أكثر الأمراض الخبيثة شيوعًا في العالم، ويتسبب في عدد كبير من الوفيات سنويًا، خاصةً مع تأخّر اكتشافه.

    ورغم التقدّم الكبير في مجالات الطب الحديث، لا يزال الكثيرون يجهلون أسباب سرطان الرئة، وطرق اكتشافه المبكر، وخيارات العلاج، سواء كانت جراحية، دوائية، مناعية أو موجّهة، ومدى تأثير هذه العلاجات في نسبة الشفاء.

    في هذا المقال، نستعرض كل ما تحتاج إلى معرفته عن تشخيص وعلاج سرطان الرئة، مرورًا بعملية استئصال سرطان الرئة، ووصولًا إلى كيفية اختيار أفضل دكتور لعلاج سرطان الرئة، مع نصائح مهمة تساعدك على تجاوز هذه المرحلة الصعبة.

       

      ما هو سرطان الرئة؟

      يُعد سرطان الرئة أحد أكثر أنواع السرطان انتشارًا وخطورة، ويحدث نتيجة نمو خلايا غير طبيعية داخل الرئة بشكلٍ غير منضبط، ما يؤدي إلى تكوّن أورام قد تنتشر لاحقًا إلى أجزاء أخرى من الجسم، ونظرًا إلى دور الرئتين في التنفس، فإن هذا الخلل يؤثر مباشرةً في جودة حياة المريض ووظائفه الحيوية.

      وينقسم سرطان الرئة إلى نوعين رئيسيين، هما:

      سرطان الرئة ذو الخلايا غير الصغيرة (NSCLC)

      يٌعد أكثر شيوعًا، ويشمل أنواعًا مثل السرطان الغدي والسرطان الحرشفي الخلايا، وسرطان الخلايا الكبيرة.

      سرطان الرئة ذو الخلايا الصغيرة (SCLC)

      نوع أقل شيوعًا لكنه أكثر عدوانية وينتشر بسرعة في الجسم، ويظهر غالبًا لدى الأشخاص الذين دخنوا بكثرة لسنوات.

      والجدير بالذكر أن فهم طبيعة المرض هو الخطوة الأولى لاختيار أنسب طرق علاج سرطان الرئة، وهو ما نستعرضه بالتفصيل في الفقرات التالية.

      أسباب سرطان الرئة

      تحدث الإصابة بسرطان الرئة نتيجة طفرات في الحمض النووي (DNA) لخلايا الرئة، وتنتج هذه الطفرات عن عوامل متعددة، أبرزها:

      • التدخين

      يُعد السبب الرئيسي في معظم حالات سرطان الرئة، سواءً لدى المدخنين أو من يتعرضون للتدخين السلبي، إذ يحتوي دخان السجائر على أكثر من 70 مادة مسرطنة تؤذي خلايا الرئة مباشرةً.

      • غاز الرادون

      يُعد من الأسباب البيئية المهمة للإصابة، خاصةً في المناطق المعروفة بارتفاع نسب الرادون.

      • المواد الكيميائية السامة وتلوث الهواء

      يؤدي التعرّض المزمن لها إلى زيادة خطر الإصابة بالمرض.

      • العوامل الوراثية

      قد يرث بعض الأشخاص طفرات جينية ترفع من احتمالية الإصابة، خاصةً في حال وجود تاريخ عائلي للمرض.

      • الأمراض الرئوية المزمنة

      مثل التليّف الرئوي أو مرض الانسداد الرئوي المزمن، إذ تهيّئ هذه الحالات بيئة غير مستقرة داخل الرئة قد تُسهم في تطور السرطان.

      ورغم أن أسباب سرطان الرئة قد تختلف من شخص لآخر، فإنَّ فهم هذه العوامل يُسهم في الوقاية، ويساعد الأطباء في تحديد أنسب خيارات علاج سرطان الرئة بناءً على طبيعة كل حالة.

      تشخيص سرطان الرئة

      يُعد التشخيص خطوة أساسية في تحديد خطة علاج سرطان الرئة، إذ تعتمد فعالية العلاج على دقّته وسرعته، وفي بعض الحالات، يتأخر تشخيص واكتشاف المرض، لأن أعراض سرطان الرئة قد لا تظهر بوضوح في مراحله الأولى.

      في البداية، يُوصى بالخضوع لأشعة مقطعية سنويًّا لمن تجاوزوا سن الخمسين، خاصةً إذا كانوا مدخنين، بهدف الكشف المبكر عن الورم قبل تطوره، وعند الاشتباه في وجود السرطان يخضع المريض لسلسلة من الفحوصات، وفي السطور التالية نوضح هذه الفحوصات.

      الاختبارات التصويرية

      وتُعد أولى الخطوات في تقييم الحالة، وتُستخدم لتحديد موقع الورم، وحجمه، ومدى انتشاره إلى العقد الليمفاوية أو الأعضاء الأخرى، وتشمل:

      • الأشعة السينية
      • التصوير المقطعي المحوسب (CT)
      • التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)
      • التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET)

      فحص البلغم

      إذا كان المريض يُخرج بلغمًا مصحوبًا بالسعال، يمكن تحليله تحت المجهر للكشف عن وجود خلايا سرطانية.

      الخزعة (Biopsy)

      وتُعد الطريقة الأدق لتأكيد التشخيص، إذ تؤخذ عيّنة من نسيج الرئة أو العقد الليمفاوية لتحليلها معمليًا، وتُجرى بعدة طرق هي:

      • تنظير القصبات، عن طريق إدخال أنبوب مرن مزود بكاميرا عبر الحلق لجمع العيّنة من الرئة.
      • تنظير المنصف، ويُجرى من خلال فتح شق صغير في قاعدة الرقبة لأخذ عيّنات من العقد الليمفاوية خلف عظام الصدر.
      • الخزعة بالإبرة، عن طريق توجيه إبرة دقيقة عبر الجلد باستخدام التصوير للحصول على العيّنة.
      • كما يمكن أخذ عيّنات من أماكن انتشار الورم إن وُجد.

      وبعد التأكد من وجود الورم، تُحلَّل الخلايا لتحديد نوع سرطان الرئة -صغير الخلايا أو غير صغير-، كما تُجرى اختبارات جينية للكشف عن طفرات مثل EGFR أو ALK التي تساعد في اختيار العلاج.

      تصنيف مراحل سرطان الرئة

      بعد التشخيص، تُحدد مرحلة السرطان لتحديد خطة العلاج بدقة، وتتراوح مراحل سرطان الرئة بين المرحلة الأولى والمرحلة الرابعة، أما في حالة سرطان الرئة صغير الخلايا يُقسّم إلى:

      • مرحلة محدودة الانتشار، ويقتصر على رئة واحدة والمناطق المحيطة بها.
      • مرحلة واسعة الانتشار، وينتشر في الرئة الأخرى أو في أجزاء مختلفة في الجسم.

      وهذا التصنيف أساسي لتحديد أنسب خيارات علاج سرطان الرئة، وتوقّع نسبة الشفاء، وبناء خطة علاج مخصصة لكل حالة.

      أحدث أنواع علاج لسرطان الرئة

      عادةً ما تبدأ خطة علاج سرطان الرئة بالجراحة، إذا كان الورم محصورًا ولم ينتشر خارج الرئتين، ولكن في حال كان الورم كبيرًا أو انتقل إلى أعضاء أخرى، قد لا تكون الجراحة خيارًا مناسبًا، ويُستعاض عنها بالعلاج الدوائي أو الإشعاعي.

      وعند وضع خطة العلاج، يأخذ الفريق الطبي في الاعتبار عدة عوامل، منها: نوع السرطان، ومرحلته، والحالة الصحية العامة للمريض.

      الجراحة (عملية استئصال سرطان الرئة)

      تهدف عملية استئصال سرطان الرئة إلى إزالة الورم مع جزء من النسيج السليم المحيط به، وتتنوّع إجراءات الجراحة حسب حجم الورم وموقعه إلى:

      • الاستئصال الإسفيني، تُجرى فيه إزالة جزء صغير من الرئة يحتوي على الورم.
      • الاستئصال القطعي، من خلال إزالة جزء أكبر دون إزالة الفص بالكامل.
      • استئصال الفص (Lobectomy)، ويُزال فيه فص كامل من الرئة.
      • استئصال الرئة (Pneumonectomy)، يُجرى في الحالات المتقدمة، إذ تُزال الرئة بالكامل.

      العلاج الكيميائي

      يعتمد علاج سرطان الرئة الكيميائي على أدوية قوية تُستخدم لتدمير الخلايا السرطانية سريعة الانقسام، ويُعطى العلاج عن طريق الوريد أو عبر أقراص فموية، وغالبًا في شكل دورات علاجية متقطعة، تتيح للجسم وقتًا للتعافي.

      ويُستخدم في حالات ما بعد الجراحة للقضاء على أي خلايا متبقية، وقبل الجراحة لتقليص حجم الورم، وأيضًا في الحالات المتقدمة للسيطرة على الأعراض وتخفيف الألم، وغالبًا ما يُدمج مع العلاج الإشعاعي لزيادة فعالية العلاج.

      العلاج الإشعاعي

      يستخدم علاج سرطان الرئة الإشعاعي موجات طاقة عالية -مثل الأشعة السينية أو البروتونات- لاستهداف وتدمير الخلايا السرطانية، وفي أثناء الجلسة يُطلب من المريض الاستلقاء بينما يُوجه الجهاز الإشعاعي الحزم بدقة نحو الورم.

      ويُستخدم العلاج الإشعاعي في حالات قبل أو بعد الجراحة، خاصةً إذا انتشر الورم في الصدر، ولتخفيف الأعراض، مثل الألم أو النزيف الناتج عن انتشار السرطان.

      العلاج الإشعاعي التجسيمي (SBRT)

      ويُعرف أيضًا باسم “الجراحة الإشعاعية”، وهو نوع دقيق ومكثف من الإشعاع، يُوجه فيه عدة حزم إشعاعية من زوايا مختلفة نحو الورم بدقة عالية.

      ويُستخدم عادةً لعلاج الأورام الصغيرة غير القابلة للجراحة، وفي حالات سرطان الرئة صغير الخلايا إذا لم يكن المريض مؤهلًا للجراحة، ولعلاج سرطان الرئة النقيلي -السرطان المنتشر إلى الدماغ أو الكبد-.

      العلاج الموجّه (Targeted Therapy)

      يركّز على استهداف طفرات جينية أو بروتينات محددة داخل الخلايا السرطانية، مثل طفرات EGFR أو ALK، من خلال أدوية تعمل على إبطاء نمو هذه الخلايا دون التأثير في الخلايا السليمة.

      ولا يُستخدم هذا النوع من العلاج إلا بعد الخضوع لاختبارات جينية على الخلايا السرطانية للتأكد من وجود الطفرات المستهدفة.

      العلاج المناعي (Immunotherapy)

      يُساعد علاج سرطان الرئة المناعي الجسم على التعرّف إلى الخلايا السرطانية ومهاجمتها، بعد أن تكون قد اختبأت من جهاز المناعة.

      ويُستخدم غالبًا بعد الجراحة للقضاء على الخلايا المتبقية، وكعلاج رئيسي إذا لم تكن الجراحة ممكنة، وأيضًا مع العلاجات الأخرى في بعض الحالات المتقدمة.

      الرعاية التلطيفية (Palliative Care)

      تُعد الرعاية التلطيفية جزءًا مهمًا من خطة علاج سرطان الرئة، وتهدف إلى تخفيف الأعراض، وتحسين نوعية حياة وحالة المريض النفسية والجسدية، ويقدمها فريق متكامل من الأطباء، والممرضين، والأخصائيين، وتُستخدم بالتوازي مع العلاجات الأخرى.

      نسبة الشفاء من سرطان الرئة

      رغم ما يحمله علاج سرطان الرئة من تحديات، خاصةً في المراحل المتقدمة، فإن الأمل في الشفاء لا يزال حاضرًا، ويرتبط بعدّة عوامل أساسية تتحكم في مسار المرض وفرص التعافي.

      1. نوع السرطان، إذ تكون فرص الشفاء أعلى في سرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة، خاصةً عند اكتشافه في مرحلة مبكرة، بينما تنخفض النسبة في سرطان الرئة صغير الخلايا.
      2. المرحلة عند التشخيص، فكلما تم الكشف عن الورم في وقت مبكر زادت احتمالات الشفاء، إذ تصل نسبة الشفاء في بعض حالات المرحلة الأولى إلى 70%، وتنخفض تدريجيًا في المراحل المتقدمة، لتصل إلى 5–10% فقط في المرحلة الرابعة.
      3. عمر المريض وحالته الصحية العامة وقدرته على تحمّل العلاج.

      وفي الحالات التي يُكتشف فيها المرض مبكرًا ويكون نوع العلاج مناسبًا للحالة، إذا اختار المريض أفضل دكتور علاج سرطان الرئة، يمكن الوصول إلى الشفاء التام دون عودة المرض.

      ختامًا ..

      لا شك أن علاج سرطان الرئة لم يعد كما كان، فقد تطورت الأساليب، وتقدمت التقنيات، وزادت فرص الشفاء مع الاكتشاف المبكر والعلاج المناسب، ولكن يظل العنصر الأهم هو اختيار أفضل دكتور علاج سرطان الرئة.

      لا تتردد في استشارة الدكتور عادل فتحي -أستاذ جراحة الأورام والمناظير بمركز الأورام جامعة المنصورة-، لمساعدتك على فهم حالتك واختيار الخطة العلاجية الأنسب لك.

      لا تتكاسل عن استشارة الطبيب

      يُسهم الكشف المبكر في رفع نسب نجاح مختلف التدخلات الجراحية، لذا لا تتأخر في استشارة الطبيب المختص وإجراء الفحوصات اللازمة استعدادًا للجراحة.